يتذكر ابناء جيلي الدعوات التي سادت للحد من خطورة التلفاز على الأطفال، ومدى الضرر على أدمغة الأطفال، نتيجة تعرضهم للمحتوى الأجنبي المترجم (والمدبلج أكثر خطرا)، ومدى خطورة ذلك على النمط القيمي والأخلاقي السائد، وعلى ما يبدو أن المعركة كانت في صالح الوسيط الجديد، ونشأت أجيال وأجيال على المواد التي يعرضها (ومازال) التلفزيون على أطفالنا، ومع دخول الأطباق الفضائية إلى مجال الاعلام واتساع أفق المشاهدة، باتت المواد الدعائية وبرامج الترفيه أكثر جاذبية، ناهيك عن المحتوى السيء، خلاصة القول لم تكن شبكة قيمية جادة تحمى النشء العربي من تأثير المحتوى المتلفز
نفس المشكلة ولكن ضمن اطار أوسع عند دخول عصر الانترنت، بات المستخدم العربي بدون أي ارشاد أو توجيه أمام محتوى مفتوح يمثل كافة المعتقدات والاتجاهات والثقافات من جهة، ومحتوى لا أخلاقي لا حدود له، وبات من العسير تحديد المعلومات صدقها من كذبها، لعقول لم تدرب على التعامل مع فيض المعلومات الكثيفة، وتفيد الاحصائيات أن 61% من أهداف الاستخدام للترفيه والألعاب والمحادثة، بينما بلغت نسبة استخدامه للدراسة والعلم والبحث 8%
ويكاد يكون الوضع مشابه عبر الشبكات الاجتماعية (فيسبوك، تويتر، انستجرام......)، حيث تستقبل كل عام ملايين من المستخدمين الجدد، الذين يجدون أنفسهم أمام طوفان من الاهتمامات والاتجاهات، وتزايد الانفتاح على المحتوى والأشخاص، ونجد ابنائنا وطلابنا قد اكتسبوا قناعات غريبة وأفكار ومعلومات خاطئة، بدون أن نكون قادرين على مجابهة تلك المصادر
يساعد التعلم الاجتماعي (أو التعليم عبر الشبكات الاجتماعية) على تفعيل الدور الاجتماعي للمعلم عبر الانترنت كموجه معرفي واجتماعي للطلاب واعداد أجيال جديدة من الرواد القادرين على توجيه السواد الأعظم من المستخدمين الجدد لما فيه المنفعة
التعليم الاجتماعي...تواصل حتى أراك
مازال المستخدم العربي مستخدما سلبيا حتى الان، يكتفي بالمشاهدة أو الاطلاع وغالبا ما يتجنب حتى التعليق عليه
من خلال التعلم الاجتماعي سواء كنت متعلما أو معلما يجب عليك التواصل باستمرار، تتقن التعبير عن رأيك بحرية ووضوح، وتختار طبيعة التواصل الذي تريده بالشكل الذي يناسبك، وفقا لبرنامجك الشخصي
وتتيح أدوات الاتصال عبر الشبكات الاجتماعية مدى واسع للتواصل، وخصوصا مع انتشار الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية المتاحة لمعظم الطلاب، مما يسهل تحقيق التعلم النقال (التعلم عبر الأجهزة الجوالة) mlearning
التعليم الاجتماعي والمحتوى العربي:
يعاني المحتوى العربي بشكل عام والمحتوى العربي التعليمي عبر الانترنت من عدة عيوب، أهمها:
- ندرة المحتوى نتيجة عدم اقبال قطاعات واسعة على المساهمة فيه ونشره على مستوى واسع.
- الضعف الفني للمحتوى وعدم ملاءمته للفئات المستهدفة
- معظم المحتوى (صفحات انترنت، فيديو، صور، ......) ينصب في مجال التسلية والترفيه....
ويساعد التعليم الاجتماعي كل من المعلم والمتعلم على المساهمة في اثراء المحتوى العربي بأشكاله المختلفة، ونشر المحتوى النوعي والمتخصص والعلمي على مدى واسع، ويمتاز بصلاحيته العلمية نظرا للتنقيح المستمر الجاري عليه.
التعليم الاجتماعي والمبادرة عبر الانترنت
يعد الاستثمار في انتاج المحتوى والخدمات عبر الانترنت أحد الاتجاهات الاستثمارية الحديثة، والتي تتيح لمنتج المحتوى ومقدم الخدمة مجال لتحقيق أرباح مادية حقيقية، ومازالت المبادرات التعليمية في هذا المجال نادرة، مما يجعلها سوقا مفتوحا للباحثين عن فرص لاستثمار معارفهم ومهاراتهم، ولتحقيق ذلك يجب عليك بتحديد الفئة التي ترغب في تقديم المحتوى أو الخدمة إليها، وتقديم فكرة جديدة يمكنها أن تجذب شريحة واسعة من المتابعين عبر الشبكات الاجتماعية
ويمكن القول بشكل عام إن توظيف المعلم لأدوات التواصل الاجتماعي في عملية التعليم، تمكنه من قيادة وتوجيه الأجيال الجديدة عبر الانترنت، وتوظيف معرفته لخلق محتوى تعليمي تواصلي يسهم في اثراء معارف الطلاب، ويقودهم في رحلة تعليمية حقيقية، وتوسع من أفاقه المهنية وقدراته على التواصل مع جمهور أكبر من الطلاب والمعلمين والخبراء، وقيادة المبادرات التعليمية والاجتماعية بما يحقق المنفعة العامة والمصلحة الشخصية، خصوصا في ضوء الاتجاه المتنامي للمدارس نحو تبني التعليم الالكتروني في التعليم
0 التعليقات :
إرسال تعليق