قبل عرض المقال الثاني الذي يتناول
المعلم الريادي، أود التقدم بالشكر لكل الزملاء الذين علقوا على الموضوع أو الذين
عقبوا علي المقال، سواء من حيث المحتوى أو
الترجمة ذاتها، وكانت في مجملها مفيدة ومثرية، وأهم محاور النقاش كانت حول
النقطتين التاليتين:
-
هل الترجمة الأفضل لمصطلح Teacherpreneur هو المعلم الريادي أم المعلم المبادر؟
وهل هناك فرق أصلا؟
انتهينا
من النقاش السابق لتفضيل ترجمتها بالمعلم الريادي لسببين:
1. أن مصطلح المعلم الريادي
يعمق العلاقة بين عمل المعلم في الصف وبين سوق العمل Business ، وما يلقي إليه ذلك من تأكيد بعد
المنفعة للفرد "المعلم" والمؤسسة "المدرسة أو القطاع
التعليمي"، بينما المبادرة يمكن أن تكون في مجال سوق العمل كما في مجالات
اجتماعية مختلفة
2. كلا المصطلحين، الريادة
والمبادرة، يفيدان معنى فعل جديد يحدث أثرا مختلفا، إلا أن الريادة تعطي معنى أعمق
في الاستمرارية، فبينما يمكن أن تتوقف حدود المبادرة عند اطلاق الفكرة، فإن
الريادة تشير إلى إيمان الشخص بالفكرة وتضحيته في سبيلها للنهاية حتى تتحول إلى
منتج ملموس
وعموما
مازال النقاش مفتوحا، خاصة أنه لا يوجد مقابل مباشر باللغة العربية لمصطلح entrepreneur، وهناك خلاف أصلا حول ترجمته في
عالم الأعمال ذاته
-
ما الفرق بين المعلم الريادي تحديدا والمعلم المبدع عامة؟
بالتأكيد
هناك العديد من الممارسات الإبداعية لدى المعلمين، لكن ما يميز المعلم الريادي هو
من ناحية دمجه لمفاهيم الأعمال Business
في مجاله المهني، ومن
ناحية أخرى قد يقتصر أثر المعلم المبدع على ذاته ومجال تأثيره في الصف، فإن المعلم
الريادي يحدث تطويرا على بيئة المؤسسة ككل
تناولنا في المقال السابق لمحة عامة عن
مجال عمل المعلم الريادي، وفي هذا المقال سنقدم مجموعة من الخصائص التي يتصف بها
المعلم الريادي، وبعض النماذج على ذلك
كيف ينشر المعلم
الريادي أفكارا جيدة How
Teacherpreneurs Spread Good Ideas
الإبداع ليس بالأمر الجديد على المعلم،
فدائما ما أستطاع المعلمون الجيدون تقديم طرقا ابتكارية لجعل التعلم حيا وتقديم آفاقا
مختلفة للطلاب من خلاله، ودائما ما كان التعليم أمام تحدي مستمر لاكتشاف السبل
لتوسيع نطاق هذه الطرق الإيداعية من أجل أن تفيد أكبر عدد من الطلاب.
لذلك يعد بزوغ مصطلح "المعلم
الريادي" واعدا في هذا المجال، حيث يستخدم المعلمون الرياديون كل الأدوات
التي بمتناولهم، مثل المنصات الرقمية والتطوير المهني الفردي والملتقيات غير
الرسمية، لنشر الأفكار الجيدة على أوسع مدى.
وكما تناولنا في المقال السابق، فإن التربويين
قدموا من خلال هذه الفكرة سبلا جديدة للقيادة التربوية، وبدلا من أن يضطر المعلم
لمغادرة الصف لاطلاق مشاريع جديدة، أصبح بامكانهم رفع روح الريادة لقيادة التغيير
من داخل النظام
توسيع الفرص
خلال زيارات الصفوف والنقاشات مع
المعلمين حول التعلم القائم على المشروعات، جذب انتباهي دائما البذرة المحتملة
للمعلمين الرياديين، إنهم هؤلاء المعلمين الذين يكافحوا من أجل تصميم مشاريع ذات
معنى تربط الطلاب بواقعهم، ولا يترددون في المضي بالتعلم إلى خارج غرفة الصف، سواء
من خلال جلب خبراء من خارج البيئة المدرسية، أو من خلال تحريض الطلاب على معالجة
قضايا حقيقية في مجتمعاتهم، إنهم ليسوا بحاجة أن يعرفوا كل الإجابات بأنفسهم،
ولكنهم يسعون للتعلم جنبا إلى جنب مع طلابهم، وبناء الفرص التي يمكن من خلالها
للمعلمين والطلاب أن يتعاونوا سويا.
هذه القدرات، هي بطرق مختلفة، صدى لما
نعرفه عن الرياديين والمبتكرين من خارج عالم التربية (عالم الأعمال) إنهم موجهون
نحو الفعل
action oriented، يرغبون في أخذ المخاطرة المحسوبة
إذا وضحت أمامهم المكاسب المتوقعة، إنهم مصرون بطبيعتهم، مبرمجون على كيفية
الدوران حول الصعوبات والتغلب على المشاكل، يعرفون كيفية بناء شبكات العمل وجعل
الآخرين ينخرطون في أفكارهم الجيدة
المعلمون المميزون بهذه الكفاءات
ويعملون بهذه الروح، يمتازون بقدرتهم على التحسين المستمر على خططهم الدراسية ومشروعاتهم،
تشرح أحد المعلمات لماذا تعتبر مشروعاتها نسخة غير نهائية:" كل مشروع نقوم به
لديه شكل ما من أشكال الريادة، ويبقى هذا الجانب الريادي غير مجرب من قبل، لم
يختبر من قبل، حيث يحتمل التساؤل: ماذا يمكن أن يحدث لو.....؟ قد تكون هذه
التعديلات لا تتجاوز نسبة 15% من التصميم الكلي للمشروع، ، إلا أنها كافية لتجعلنا
في حالة دائما من الإبداع، حيث يمكن للطلاب أن يروا أننا أيضا مازلنا نتعلم"
حينما ينشر المعلمون الرياديون أفكارهم
العنيدة، عادة ما نرى جماعات ممارسة جديدة تبنى حولهم، وهناك العديد من الأمثلة
التي شهدنها في الأعوام القليلة الماضية، مثل نموذج التطوير المهني بين الأقران peer to peer PD، هو واحد من الأفكار العظيمة التي
حلم بها أحد المعلمين الرياديين، والتي أحدثت حراكا هاما في مجال التطوير المهني،
وهناك العديد من الأمثلة الأخرى.
ادفع للأمام
هل سيحدث حراك "المعلمين
الرياديين" تغيرا طويل الأمد في النظام التربوي؟ ربما كان من المبكر جدا
الإجابة على هذا السؤال، إلا أن أحدث المخرجات يبدو واضحا جدا للعيان، الطلاب الذين أسعدهم الحظ في
التمدرس على أيدي أحدهم، هو فرصة هامة لتطوير عقليتهم الريادية الذاتية.
لنأخذ مثالا على ما حدث في أكاديمية
هاواي للعلوم والفنون، حيث يحيى الطلاب في ظل بركان نشط، استخدم المعلم إريك كلوز Eric Clause هذه الظاهرة
الحية من بيئتهم المحلية ليتحدى الطلاب أن يأتوا بمنتج جديد، ما الذي يمكنهم أن
يصمموه ليجعلوا حياة الناس أفضل بالقرب من بركان كيلوا Kilauea volcano؟
ركز الطلاب على مشكلة، حرفيا، تحت
أنوفهم، ألا وهي الضباب المنبعث من البركان، تفريغ غازي أشبه برائحة البي الفاسد،
مما يؤدي لمخاطر صحية أهمها الربو، على المستوى التجاري فإن أجهزة التكييف وفلاتر
الهواء لا تعزل المركبات الحمضية في الهواء، ولسد هذه الثغرة في السوق، استثمر الطلاب
فهمهم للكيمياء والهندسة ليخرجوا بتصميم منخفض التكلفة لجهاز تنظيف
"جلي" الضباب، مروارا بمراحل النموذج الأولي والاختبار، انتهاء بالعدة
اللازمة لانتاج جهاز مناسب للاستخدام المنزلي، وافقت المحلات التجارية المحلية على
بيع منتجهم، الذي لاقى استحسان خبراء الدفاع المدني.
المعلم Eric Clause ليس لديه مشكلة
في تصميم مشاريع قائمة على (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات) ، تساعد على
انخراط الطلاب في حل مشكلات محلية: "هناك ملايين الأشياء التي بامكاننا
فعلها، مهما كان ما يحدث في مجتمعك، حاول فقط أن تصيغها في مشروع.
خبير التعليم الدولي يونج زو Yong Zhao يشجع المدارس على تعزيز الحس
الريادي لدى طلابهم بشكل واعي، هو أفضل بشكل كبير من استنساخ الدروس، واحد من أهم
الخطوات في هذا السبيل، تشجيع المعلمين أن يكونوا هم أنفسهم ابتكاريين.
ما الذي يعطلك؟
هل تمتلك حس ريادي لا تجد له متنفس في
التعليم؟ ما الذي يعطلك؟ ما الذي يمكن لقادة العمل التعليمي أن يقوموا به لتشجيع
العمل الريادي؟ وللتأكيد على استمرار المعلمين المبدعين في مهنتهم؟ شاركنا أفكارك
في التعليقات
كاتب المقال: Suzie Boss
رابط المقال الأصلي: http://www.edutopia.org/blog/how-teacherpreneurs-spread-good-ideas-suzie-boss
0 التعليقات :
إرسال تعليق