إعداد بيئة الصف للتعلم الأعمق

بعد قراءة بعض المقتطفات من "إعلان الاستقلال"، انخرطت دائرة من الطلاب في النقاش حول مفاهيم الحرية والسعي لتحقيق السعادة، دائرة الاستعلام بدأت بسؤالين ألقاهما المعلم:

·        أيهما أهم الحرية أم السعي لتحقيق السعادة؟
·        هل كل من الحرية والسعي لتحقيق السعادة حقوق غير قابلة للمصادرة؟
افتتح بعض الطلاب النقاش بطرح فكرة أن كل من الحرية والسعي لتحقيق السعادة هي حقوق متاحة فقط للأشخاص الذين يتبعون قوانين المجتمع، بينما جادل البعض الآخر إنه بالرغم من اتفاقهم حول أهمية القانون، إلا أنه ربما لذلك هناك استثناءات، تساءل أحد الطلاب "هل من الصحيح أخلاقيا أن تُسلب الحرية من كل مرتكبي الجرائم؟" أجاب طالب آخر "نعم، ماذا لو أن جريمة ارتكبت من أجل إنقاذ حياة شخص ما؟"

وقاد هذا لمناقشة عن طبيعة السعادة، ناقش الطلاب أن السعادة ليس لها تعريف واحد عند الجميع، أضاف أحد الطلاب "جمع بطاقات البيسبول يسعدني، لكن ليس كل فرد له نفس الهواية"، كما تساءلوا حول أن بعض القوانين ربما تحد من فرصة البعض في السعي لتحقيق سعادتهم، وضحت أحدى الطالبات "نحب أنا وأهلي الذهاب للشاطئ في عطلة الأسبوع، لكننا سنصبح أسعد إذا كان بإمكاننا اصطحاب كلبنا معنا"

وبينما كانت المحادثة ثرية ومتجذرة في التعلم الأعمق والاستيعاب، فإن النقاش القائم على التساؤل ما كان لينتهي داخل الصف، وبناء على طلب الطلاب وبتيسير من المعلم، امتد النقاش عدة أيام عبر تويتر.
تعلم الطلاب الأعمق يمكن أن يمتد عبر الوقت من خلال تيسير معلم متمرس في فن التفكير ضمن بيئة مصاغة بعناية، أؤمن أن ذلك أن تحقيق التعلم الأعمق يمكن أن يحدث في كل الصفوف، واقترح بداية خمس تحولات ثقافية:

1.     الانخراط في تطور مهني قائم على التساؤل
تطوير مهارات التفكير المنهجي والتحليل المنطقي ضروري للوصول للتعلم الأعمق، يجب على المربين بداية أن غمر أنفسهم في التطور المهني المتمحور حول بناء مهارات الاستفسار، ربما حتى في إطار فلسفي، يجب أن تتعلم التفكير بعمق لتتمكن من تصميم دروس تتميز بالمرونة والإبداع، والذين يعدان جانبين هامين للوصول لتعلم الطلاب الأعمق.
ولكي يتمكن الطلاب من ممارسة النقاشات المبنية على الاستفسار (الاستقصاء)، يجب على المعلمين بناء نموذج لمهارات التفكير وتوضيحه بشكل مفسر للطلاب، من خلال التفكير بصوت عالي وبناء علاقات بين المفاهيم التي قد تبدو غير مترابطة، التعلم الأعمق ببساطة بحاجة لتدريس أعمق.
2.     بناء جماعة صفية قائمة على التساؤل
إنشاء جماعة قائمة على ثقافة التساؤل، بما يتضمنه ذلك من احترام المتعلمين لأفكار الآخرين ومشاركة أفكارهم الخاصة بحرية، عدم الرهبة من الوقوع في أخطاء
لتجعلهم يقتنعوا بفكرتك، يمكنك أن تبدأ مثلا بنشاط "كرة الجماعة" أو "كرة الغزل"، ليجلس الطلاب في دائرة ويبدأ كل منهم في إعطاء معلومات عن نفسه بينما يقوم بلف خيط حول قطعة من الورق المقوى، بعد أن ينتهي الجميع من التحدث، قم بعقد طرف من الخيط وقص الطرف الآخر، إن كل الخيوط المتشابكة الآن تمثل قصص المجموعة، وتساهم في توضيح أهمية كل فرد للجماعة.
يجب على المعلمين أن يعلموا طلابهم الاستماع إلى أفكار الآخرين بتمعن، وإعطاء الوقت الكافي للاستماع إليها واستيعاب المعلومات،  كرة الجماعة تساعد على تيسير الوقت للتساؤل والتأمل واحترام المتحدث خلال المناقشات الصفية
3.     البدء ببساطة وتدريب العقول يوميا
تعلم كيفية التفكير مشابهة لعمل الفنان في إحكام قطعته الفنية والوصول بها إلى درجة الكمال، إنه يتطور مع الوقت ويتطلب ممارسة وافية، لا يمكن أن يظهر التعلم العميق باعتباره نشاط ذو طبيعة خاصة، ولكن بالأحرى كبديل للتدريس السطحي، كمقدمة لمهارات التفكير والتساؤل، أنصح باستخدام كتب الطلاب المصورة أو إعادة إنتاج الفنون البصرية، فالدرس والمغزى البسيط في قصص الأطفال وكذلك تأويلات الفن تسمح بالنقاشات التي تركز على بناء مهارات التفكير، البدء بنص معقد ربما يكون معاكس لهدف التعلم، والذي يجب أن يكون تطوير جماعة ممارسة للتفكير بصورة تمهيدية.
ومع مرور الوقت سيقوم الطلاب ببناء المهارات اللازمة لتحليل وثائق ونصوص ومصطلحات أكاديمية أكثر تعقيدا، ويرتفع أدائهم لملاقاة المعايير الأساسية لفنون اللغة.
4.     بناء تعلم معاصر (ذا صلة)
عندما يقوم الطلاب بإعادة رواية أو تخيل محتوى التعلم مع لمسة معاصرة، فإن ذلك يجعل من التعلم يزيد من صلته ومعناه، ويجعله أكثر قربا لخصائص الجيل الحالي من الطلاب، عند مراجعة وثيقة تاريخية، اطلب من الطلاب أن يعبروا عن مضامينها بمصطلحاتهم المعاصرة، مما يسمح بتعميق فهمهم لمعانيها، وتطوير طرق إبداعية للتفكير في المعلومات، ومن ثم تتطور قدرتهم على بناء العلاقات والتفكير خارج الصندوق.
5.     توظيف المصادر التقنية
استمر البشر لفترة طويلة من الزمن يتواصلون عبر القصص والرموز والكتابة والنقاش عبر التاريخ، لم تعد تلك هي الخيارات الوحيدة المتاحة للمعلم المعاصر، من المتاح حاليا للمعلم العديد من الأدوات التقنية الشيقة التي من شأنها أن تساعد في دعم التعلم الأعمق، تويتر، المحادثات الجماعية والمدونات والعديد من الأدوات الأخرى التي توسع من نطاق النقاش وتثريه، سواء من خلال ما تتيحه من فترة للتدبر في المداخلات، حيث يمكن للمفاهيم المتعلمة حديثا أن تصبح أكثر عمقا من خلال تحليلها ومقارنتها بالمعلومات الأحدث مع الوقت، الأدوات التقنية تتيح فرصة للتفكير الممتد.
إن تأسيس ثقافة مبنية على التساؤل لهو من الضرورات اللازمة للوصول لتعلم الطلاب الأعمق، وفن التفكير يزدهر من خلال بيئة تعلم آمنة عقليا وجسديا وعاطفيا، يتم تطويرها بحرص من خلال معلم الصف، حيث تنمو الأحكام الفلسفية وتدعم في كل من المعلم والمتعلم، فالتعلم الأعمق لا يكون بغير تدريس أعمق.

كاتب المقال: Elizabeth Garcia

رابط المقال الأصلي: http://www.edutopia.org/blog/preparing-classroom-culture-deeper-learning-elizabeth-garcia

0 التعليقات :

إرسال تعليق