التابلوهات "اللوحات الفنية" الحية: التاريخ والممارسة

مع الاقبال المتزايد على استراتيجيات التعلم الحركي، أصبح مصطلح التابلوهات الحية أكثر استخداما، من أين نبعت هذه الاستراتيجية وكيف تتحقق؟ إن نظرة عن كثب لتاريخ هذه الممارسة تكشف لنا عن أهمية هذه التقنية الرائعة في التربية وبناء الجماعة.


يشير مصطلح "التابلوهات الحية" عادة إلى هواية مسلية، إلا أن كذلك حققت مجموعة من الأغراض في التاريخ الثقافي للولايات المتحدة، وتمت اشتقاقها من الأصل الفرنسي والذي يعني مباشرة "الصور الحية" ‘living pictures.’، وقد بلغت شعبيتها ذروتها بين عامي 1830 و 1920، حيث يقوم مجموعة من الأشخاص خلال العرض بتقديم مشاهد من الأدب أو الفن أو التاريخ أو الحياة اليومية على المسرح، بعد أن تفتح الستارة يبقى الأشخاص صامتون وثابتون تماما لنصف دقيقة، مع التركيز  بشكل خاص على ازياء العارضين وأوضاعهم الجسدية وزينتهم الشخصية وتعبيرات وجوههم والاضاءة، وفي بعض الأحيان يصاحبها القاء قصيدة أو مقطوعة موسيقية، كما كان من المعتاد أن يكون هناك إطار خشبي ضخم يؤطر خشبة المسرح، كإشارة إلى الإطار  الذي يحيط بالوحات الفنية عادة.

في انجلترا إبان العصر الفيكتوري تم استخدام التابلوهات الحية كتسلية منزلية تسلي الضيوف وتخرطهم في تقدير أعمق للفن، أما في الولايات المتحدة فقد تم استخدامها بداية للرغبة في الترفية الجمالي، إلا أنه مع انتشارها في نهايات القرن التاسع عشر، مع وجود أدلة مطبوعة تشرح طرق تنفيذها، فقد استخدمها الأمريكان الشباب بغرض هوياتهم الشخصية والجماعية، وكما يشير المؤرخون فقد انتشرت في المدن الصغيرة والبلدات الناشئة، مشاهد دينية تمثل الحجاج أو رمزية مثل "الولايات الثلاثة عشرة الأصلية"، كما يشير البعض إلى أن النساء أيضا استخدموها للتعبير عن رؤاهن لهوياتهن الشخصية والمجتمعية، وبشكل عام ساهمت التابلوهات الحية في مساعدة الناس على استكشاف أوجه جديدة لهويتهم أو ترسيخها.


ومع بدايات القرن العشرين، اصبحت التابلوهات الحية تستخدم كوسيلة للمعارضة، فمثلا وبما أنها شكل مألوف لديهن، فقد قمن بتشخيص لوحات شهيرة مثل "جان دارك" أو "العذراء" بالطريقة التي تعلن بشكل رمزي عن حق النساء في التصويت، وفي أحد الحالات استخدمها عمال النسيج في نيو جيرسي للاحتجاج ضد الأوضاع المعيية السيئة، كما تم تمثيل مشاهد على شكل لوحات حية من "نجمة أثيوبيا" (رواية تؤرخ لتاريخ اضطهاد الأمريكيين من أصل أفريقي) في الاحتفال بالعام الخمسين لاعلان الاستقلال، وقد يبدو للبعض أن مشاهد صامتة وثابتة ليست السبيل الأمثل للتعبير عن الاحتجاج، إلا أنها بلا شك تركت انطباعا عميقا في عقول المشاهدين والمؤدين كذلك، ذلك النوع من الانطباع الذي يمكن أن يلهم التغيير.

وعلى الرغم من أن ذلك النوع من الفن قد انتهى بظهور السينما، إلا أننا مازلنا نلمح أثاره في الفنون المعاصرة والأداء التعبيري.

التدريس في معارض اللوحات باستخدام التابلوهات الحية:

تشكل التابلوهات الحية أداة هائلة تساعد الطلاب على الانخراط خلال جولة في المتحف، وهي مناسبة للطلاب الحركيين إلا أنها تفعل الخيال لكل الطلاب المشاركين، ومؤخرا خلال جولة في متحف المتروبوليان للفن the Metropolitan Museum of Art ، اصطحبت مجموعة من طلابي للوحة "نساء القرية الصغيرات لجوستاف كوربيه"  Gustav Courbet’s Young Ladies of the Village ، تطوع البعض منهم لتمثيل المشهد بينما قام الآخرون بمساعدتهم على اتقان تفاصيل اللوحة، وقد ساعدت هذه الفعالية على تحقيق ما كنت أصبو إليه: التعمق في التفاصيل، حيث قادتنا إلى الانخراط في نقاش مطول حول العلاقة التي تربط الصبية الفلاحة بالسيدة حسنة الملبس كما صورتها اللوحة.


وفيما يلي بعض الأساسيات التي يجب أن تهتم بها حينما تطور فعالية "التابلوهات الحية" في صفك أو خلال جولة في المتحف:

1.       الهوية: دع طلابك يتأملون تفاصيل الأوضاع الجسدية وتعبيرات الوجه للشخصيات في اللوحة أو التمثال، دعهم يثبتون للحظات وارشد وعيهم بأجزاء جسدهم المختلفة وتعديلها وفقا لما يشاهدون، دعهم يأخذون استراحة ويتأملون اللوحة مرة أخرى، ناقش معهم ما تكشف عنه تفاصيل الوضع الجسدي وتعبيرات الوجه بخصوص هوية موضوع اللوحة، جرب تابلوة حي آخر، لكن اعطهم الحرية في التعديل و التغيير ، ما الذي يعدلونه ولماذا؟
2.       الشخصية: الأزياء والتجهيزات تساعد الطالب على اتقان الشخصية، قسم طلابك إلى ممثلين ومخرجين، اجعل الممثلين يتخذون  الأوضاع الخاصة باللوحة أو التمثال، بينما يقوم المخرجون بتوجية اوضاعهم وتعبيراتهم وفقا للقطعة الفنية، وبينما يبقى الممثل جامدا يقوم المخرج بمناقشة أوجه أخرى من العمل الفني تتعلق بتقديمهم لهذا التابلوة الحي، ثم اجعل الممثلون ينضمون للنقاش ومشاركة أفكارهم عن العمل الفني الذي يقومون بتقديمه.
3.       السرد: قسم الطلاب إلى مجموعات صغيرة، تقوم كل مجموعة مكونة من ممثلين ومخرجين بتقديم تابلوة حي، ثم اطلب من كل مجموعة أن تقدم مشاهد أخرى قبل أو بعد المشهد المعروض في اللوحة الزمنية، ومناقشة كيف تم بناء المشاهد الأخرى بناء على ما شاهدوه في العمل الفني.
4.       السياسة: قدم بشكل عام نشأة التابلوهات الحية، واشرح لهم كيف أن مقطوعات أدبية كانت عادة تقرأ خلال عروض التابلوهات الحية، خلال تقديمهم لتابلوة حي معين، اقرأ  عليهم وهم في وضع الجمود نص أدبي يقدم سياقا للمشهد، مثل خطاب تاريخي أو مقولة مشهورة للفنان، اعطهم استراحة الآن واطلب منهم تأمل اللوحة وطرح أفكارهم حولها بناء على النص الذي سمعوه.
5.       التجريد: تساعد كذلك التابلوهات الحية لمحاكاة الأعمال الفنية التجريدية في اعطاء فرصة للطلاب في تأمل التركيب بشكل أكثر قربا، ومناقشة الأبعاد والعلاقات المكانية للعمل، مما يساعد على طرح أفكار جديدة حول العمل الفني وتصوراتهم الشخصية.

كاتب المقال: SHANNON MURPHY
الرابط الأصلي للمقال: TABLEAUX VIVANT: HISTORY AND PRACTICE

0 التعليقات :

إرسال تعليق