لم
تعد متابعة كرة القدم هوايتي المفضلة منذ سنوات، لم أعاصر الهوس الشعبي بالمتزايد ريال
مدريد وبرشلونة إلا من بعيد وعبر أصدقاء، بالصدفة البحتة تابعت المسابقات
الأوروبية بكثافة هذا العام، كانت ملاحظتي الأولى هي أن الدوري الإنجليزي أعظم
بمراحل من الدوري الأسباني، لا توجد مباراة فاترة أو محسومة أيا كان طرفاها،
الملاحظة الثانية أن هناك فريق صغير يسعى بإصرار ليس فقط للحصول على مرتبة متقدمة،
ولكن للمنافسة على اللقب من بداية الموسم..إنه ليستر سيتي.
بعيدا
عن كل البطولات الأسطورية والمبالغ الهائلة المتدفقة في صناعة كرة القدم، وعن
أسماء اللاعبين المنتشرة صورهم على الجدران وملابس الشباب، فريق يحوى لاعبين
بقدرات عادية، مطاردين ومطرودين ومحرومين من أعتاب الأندية الكبرى، هواة قبل أي
شيء آخر، فريق محاصر بماضي طويل الفشل وخالي من أي تاريخ أو بطولات أو أسماء لامعة،
ومدرب عجوز لم يحقق أي شيء يذكر في حياته، كل ما احتاجه هو إيمانه بقدرته على
الوصول لحلمه، والكفاح من أجل هذا الحلم.
قد
لا تعني بطولة ليستر أي شيء لمشجعي الفرق الكبرى ومهووسي النجوم، لكنها تعني كل
شيء لأمثالنا، من أصحاب المواهب المتوسطة والكفاءات العادية، المحرومين من
النجومية والتأثير ، مواطني الأحلام الصغيرة المخبأة في صناديق منسية، ربما هذا هو
الإلهام المنتظر لنستعيدها وننفض عنها غبار الزمن، درس ليستر سيتي هو أنه هذا هو
الزمن المناسب للحلم، إنس كل ما أخبروك إياه عن المعادلات الصعبة، تجاهل كل من
أخبروك أن الاختباء فضيلة، وأن الشروط الموضوعية تتطلب منك الانتظار، إنه زمنك كي تجمع
شتات نفسك وتسعى نحو حلمك..أن تستشهد على عشب ملعبك.
درسوا
أولادكم عن موسم ليستر سيتي، علموهم أنهم يستطيعون، ليسوا بحاجة لموهبة فذة ولا
قدرات غير عادية ليصلوا لأحلامهم، علقوا
صور محرز وفاردي ورفاقهم في ثنايا ذاكرتهم، ساعدوهم على إدراك الدرس في آخر خمس
دقائق من كل مباراة لليستر، حينما لا يقوى أيا منهم على المشي لكنهم مازالوا
واقفين يقاتلون على كل كرة وكل شبر، علموهم أن الوصول يتطلب الحلم، وأن الحلم لا
يعطبه الفشل، علموهم أخلاق الإصرار وفضيلة الجلد.
0 التعليقات :
إرسال تعليق