تصميم التفكير والصنع والتعلم من القلب

تصميم التفكير والصنع والتعلم من القلب
Design Thinking, Making, and Learning from the Heart

قررت إيملي بلوك  Emily Block، معلمة الدراسات الاجتماعية بالمرحلة الثانوية، بعد أن خاضت من قبل تجربة تصميم التفكير في صفها، قررت أن تدفع التجربة للأمام وأن تساعد طلابها على التعلم من خلال الصنع، ومن خلال أحدى المساقات المتخصصة، استطاعت إيملي أن تدمج خبرة الصنع في ممارساتها التعليمية، وتستخدم تصميم التفكير لتساعدها في السيطرة على العملية.

التصميم من خلال التعاطف
بدأت إيملي بتحديد المنطقة التي ستعيد تصميمها في المنهاج، أختارت وحدة تشغل عدة أسابيع من المقرر حتى لا يؤثر "مشروع الصنع" على سيرها في دروس المنهاج، الهدف من التصميم هو السماح للطلاب بالتعامل مع التعقد بشكل لم تكن لتسمح به الطريقة التقليدية في التدريس، ولذلك كانت الحرب العالمية الأولى وحدة مناسبة لأن تقوم بإعادة تصميمها، حيث نتج النزاع عن عوامل متعددة، وهو ليس ببساطة مجرد صراع بين قوى الخير والشر، كما لم ينتج عنه توازن للقوى في أوروبا، بالإضافة إلى ذلك، كان العام 2014 هو الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية الأولى، لذلك فالموضوع كان وثيق الصلة باللحظة الراهنة، طلبت إيملي من طلابها أن يقوموا بابتكار نصب تذكاري لإحياء الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، ومن ثم المشاركة في الحوار العالمي حول الذكرى.

الخطوة الأولى في عملية تصميم التفكير هي "التعاطف" ، إذا كان مقدر للطلاب أن يصمموا نصب تذكاري للآخرين، فربما من الأجدى أن يحصلوا على خبرتهم الشخصية كزوار، ولذك تم تكليفهم بزيارة نصب مدينة نيويورك التذكاري بشكل مستقل، وتسجيل خبرتهم الحسية:
·        ما العناصر البصرية البارزة؟
·        ما التأثيرات المحيطة بها؟
·        كيف بدا لهم تفحص المكان؟

شكلت هذه الروايات الشخصية مصدرا لإلهام الطلاب، كما عززت النقاش الشخصي حول النصب التذكارية، هناك شيء ما إنساني متفرد في بناء علامة فيزيقية لذكرى أحداث أو أشخاص سابقين، ناقش الطلاب أهمية الذكري وكيف تعمل النصب التذكارية، والتي عادة ما توجد في أماكن عامة، على تشكيل الذاكرة الجمعية.

لتصميم نصب الحرب العالمية الأولى، كان يجب على كل مجموعة الإجابة عن السؤال "كيف يجب علينا أن نتذكر الحرب العالمية الأولى؟"، وبالتالي تم دراسة الصراع الفعلي للحرب العالمية الثانية بالطريقة التقليدية للحصول على إجابة لهذا السؤال.
وبعد ذلك، عند الانتقال إلى مرحلة التصميم، كانت كل مجموعة قد حددت مجال التحدي بشكل مفصل، بعد الاطلاع على وجهات نظر تاريخية مختلفة حول أهمية ودلالة الحرب العالمية الأولى، عمل أفراد المجموعات على إعداد تأويلاتهم لكيف يجب أن يتم تذكر الحرب العالمية الأولى، وتم صياغته على شكل تحدي في عبارة "كيف يمكننا أن نبتكر نصب تذكاري من شأنه أن......؟" كل عبارة يجب أن تعرض بوضوح وتركيز الهدف من النصب التذكاري الخاص بالمجموعة، وفي نفس الوقت تنقل تلك المشاعر التي يجب أن يشعر بها زوار النصب التذكاري، وما أن تم تقرير التحدي، قام الطلاب بتوليد أفكار التصميم وانتجوا نماذج أولية ، وقدم كل منهم فكرته في دقيقة أو دقيقتين، بحيث يتضمن العرض:

·        تفسير لفكرة التصميم والرؤية التي يصدر عنها
·        المواد التي سيتم استخدامها.
·        خصائص النصب التذكاري.
·        المحل الدقيق الذي سينصب فيه.
·        مبررات تاريخية للخيار الذي قدمه.


ابتكار النصب التذكاري
تعاونت إيملي مع معلمة الفنون ليزا يوكانان Lisa Yokana  لوضع محددات للمشاريع والسيطرة على الجوانب الجسدية للطلاب، من الأهمية أن يكون النصب التذكاري جذاب و مميز، لذلك سمح للطلاب باختيار المواد الخاصة بهم، احتضنت غرفة الفنون 15 مساحة منفصلة للمشروع وتخزين المواد والأدوات، بحيث تبقى منظمة للحد الذي لا يعيق أعمال الصفوف الأخرى، تم تقييد المشروع بمساحة القاعدة 20*20 سم من الورق المقوى، المواد الخاصة بكل مجموعة خزنت في صناديق عليها ملصقات خاصة بالمجموعة، تبقى ملاصقة للحائط الخلفي، وتم تجهيز طاولات كمحطات لاستخدام مسدسات اللصق والقص بالأدوات المخصصة لذلك، ومن أجل تعزيز الأمان، اتبع الطلاب قواعد بسيطة:  كل حقائب الظهر تخزن تحت الطاولات لتجنب التعثر المحتمل، كل عمليات القطع تتم على الطاولات المخصصة لذلك، ويمنع مغادرة الأدوات المستخدمة لتلك الطاولات.

كما تم اعطاءهم مهلة 4 أيام للانتهاء من العمل، هذه القيود تطلبت من كل واحد منهم التخطيط قبل العمل والتعاون الفعال مع فريقه، ولكن حتى مع وضع خطة، كان على الطلاب أن يقوموا بتكييف للمطلوب، حيث يعالجون مواد محددة ويتعلمون خصائصها وحدودها، هذه المرونة في التفكير المرن هو صلب مشروع الصنع، الطلاب غير القادرين على التكييف أو التغلب على الصعوبات التي تواجههم كفريق، لم يكونوا لينجزوا المطلوب في الوقت المتاح ومن ثم يضطرون للبقاء بعد ساعات المدرسة.

وخلال عملية الصنع، كان الطلاب يقومون بالعمل دون حاجة لتوجيه "تدريس" مباشر، مما ترك مجالا لإيملي لتراقب عمل المجموعات، وتوجه أسئلة لهم عن العملية، وتأخذ ملاحظات وتلتقط الصور، والتي أصبحت مفيدة في مرحلة التقييم.
تم عرض النصب التذكارية بعد الانتهاء منها بشكل عام، وكل مجموعة قامت بعرض تصميمها إلى الصف، كتب الطلاب تأملاتهم الفردية للربط بين نواياهم وأغراض التصميم، وللإجابة على السؤال حول كيف ساعدهم االمشروع على تفهم الحرب العالمية الثانية، كتب أحد الطلاب:
" لقد شرعت قطعا بالتواصل مع الحرب العالمية الأولى خلال المشروع، بناء النصب التذكاري كان له معنى بالنسبة لي أكثر بكثير من قراءة الكلمات في الكتاب المدرسي، لأننا فكرنا حقا في تأثير الحرب على المجتمع ككل، وكيف يمكننا التعبير عن تلك المشاعر التي نتجت عن ذلك"

بناء النصب التذكارية ساعد الطلاب على إستيعاب التعقيدات الحرب العالمية الثانية، وتحقيق التعاطف مع هذه الفترة الزمنية، وكما أشار طالب آخر في الإشارة لتجربته "إن مشروع بناء النصب التذكاري كان تعلما من القلب".


كاتب المقال: إيملي بلوك وليزا بوكانان Emily Block and Lisa Yokana
الرابط الأصلي للمقال:


0 التعليقات :

إرسال تعليق