تصميم التفكير : دروس مستفادة من أجل الصف

عملية تصميم التفكير"التفكير التصميمي"
على الرغم من أن التفكير التصميمي ينبع من قطاع الإبداع والتصميم، إلا أن العملية ذاتها تصلح للتطبيق في كافة المجالات، في الحقيقة، إنها أداة رائعة لتدريس مهارات القرن الحادي والعشرين، حيث يجب على المشاركين حل مشكلة من خلال الأبحار خلال البيانات وجمعها وتنظيمهاـ، التعاون مع الآخرين، إعادة تصميم حلولهم، كل ذلك بناء على العالم الواقعي والخبرة الأصيلة والتغذية الراجعة (كما أنها أداة رائعة لإدارة وتطوير المدرسة، ولكن ذلك موضوع آخر مختلف عن مقال اليوم)

لقد كان من حسن حظي أن شاركت في ورشة عمل تعاونية حيث مارسنا،  أنا وأثني عشر مربي آخر، عملية تصميم التفكير على مدى ثلاثة أيام، وتبينا كيف يمكن لهذا النموذج أن يأخذ مكانه في غرفة الصف.

ممارسو التفكير التصميمي عادة ما يستخدمون خطوات مختلفة وفقا لاحتياجاتهم، خلال التجربة المشار إليها سابقا، فقد استخدمنا الخطوات التالية:

1.       تحديد الفرص Identify Opportunity
2.       التصميم Design 
3.       النمذجة (بناء النموذج) Prototype 
4.       التغذية الراجعة Get Feedback
5.       النشر والتوسيع Scale and Spread 
6.       العرض (التقديم) Present
في التفكير التصميمي، فإن عملك يتقدم من خلال المضي قدما في هذه الخطوات معا كمجموعات صغيرة، في التجربة السابقة كانت مهمتنا أن نفحص سؤالا واحدا وهو : كيف يمكن أن نبني طرق لتقييم التعلم تهدف لتقدم ملموس تجاه أهداف ذات معنى؟" ومع هذا السؤال في الذهن، عملت كل مجموعة مع مدرب/ ميسر، مع مجموعة من قواعد العمل (مثل قول نعم، وبالأحرى.....بدلا من نعم، ولكن....حينما تختلف مع شخص ما) والكثير من القوانين التي تجعل المجموعة تتبنى ثقافة الايجابية وتقبل المخاطرة والدعم والمرونة، وهو ما كان من الأهمية بمكان، لكسر حالة السلبية التي تعذبنا، وتخطي المواقف الشائكة، والخروج بنموذج ذهني لحل جانب من المشكلة.

وهنا فكرة جديدة تماما، وهو أننا لسنا مكلفين بإصلاح النظام بأكمله، إن هذا المدخل يقوم على أن القيام بوضع إصلاحات صغيرة في المكان الملائم، يمكن أن يكون له أثر عظيم على المخرجات.
خطوات التفكير التصميمي الستة
لحل هذه المشكلات، اتبعنا نظام مكون من ستة خطوات لتصميم التفكير:
الخطوة الأولى: تحديد الفرص Identify Opportunity
لتعميق فهمنا بالمشاكل المحيطة بالتقييم المناسب لمهارات القرن الحادي والعشرين، تم تقسيم مجموعتنا إلى مجموعتين، كل مجموعة قامت بمقابلة أثنين من المعلمين، معلم مدرسة عامة يرغب في تقييم المهارات الناعمة بالإضافة معايير التقييم (التقليدية) المفروضة من المديرية، ومعلم آخر مستقل يريد وسائل تقييم للطلاب لا تقاطع تعلمهم.
هذه المقابلات أعطت لمجموعتنا هدفا محددا: كيف يمكن أن ننتهي إلى نظام أو مخرج يحقق حاجات كلا المعلمين في تقييم مهارات القرن الحادي والعشرين؟
الخطوة الأولى في الصف: لنقم بتحديد مشكلة كبيرة تهدد مدرستنا أو مجتمعنا، هل هناك مشكلة في توفير التمويل؟ مشكلة في مصادر المدرسة؟ أهتمام مدني أو مشكلة بيئية؟ يمكنك أيضا أن تقوم بتحديد سريع لاحتياجات المجتمع، لكن لا تجعل ذلك يستغرقك تماما، الفكرة أن تختار مشكلة ما وتمضي في خطوات العملية، كما يمكنك أعادة العملية في وقت لاحق.
بمجرد من انتهائكم من أختيار المشكلة، يمكنك دعوة أثنين أو ثلاثة من أولياء الأمور أو أفراد من المجتمع المحلي، والذين يتأثرون عن قرب بالموضوع الذي تم اختياره، ليشاركوا منظورهم للأمور مع الطلاب، سواء بشكل شخصي أو حتى عبر السكايب، دع طلابك يسألون الكثير من الأسئلة، أنهم الناس الذين سيقوم طلابك بتصميم الحل من أجلهم.

الخطوة الثانية: تصميم العملية (الاجراءات) Design Process
نقوم هنا بمراجعة القصص من الخطوة السابقة، والقيام بعصف ذهني من أجل التوصل لحلول، نحتاج للوصول إلى أفكار أصيلة ودقيقة لأدوات التقييم ، وتقدم بيانات ذات معنى للعالم الحقيقي لمعلمي المدارس العامة، مع شعار "لا توجد فكرة غبية"، قمنا بكتابة أفكارنا على وريقات لاصقة ووضعها على اللوح، وفي نهاية العصف الذهني، بدأنا نرى كيف تتشابك تلك الأفكار وتجتمع معا، يجب أن تقدم تلك الأدوات تغذية راجعة للطالب حول ما الذي يعاني من ضعف فيه، وما الذي هو بارع ويمكنه التقدم فيه، كما يجب أن تكون مرتكزة على الطالب، طولية، مع تغذية راجعة وقتية، قمنا بتنظيم البطاقات اللاصقة في شكل موحد استعدادا للغد.
الخطوة الثانية في الصف: بعد أن يستمع الطلاب للمشكلة التي تواجة المجتمع في الخطوة الأولى، اعطهم أقلام وبطاقات لاصقة ويقومون بعصف ذهني من أجل الوصول لحلول، ادعهم للاستلهام من أفكار بعضهم البعض والبناء على أفكار بعضهم البعض، تذكر "ما من فكرة غبية"، بمجرد من فراغهم من العصف الذهني، اعملوا معا على تحديد الموضوعات الرئيسة التي تندرج فيها الأفكار، قسم الطلاب إلى مجموعات صغيرة لبحث أفكارهم الأولية، هنا لعبك لدور المرشد غاية في الأهمية، بدون تدخلك في صلب العمل طبعا، ربما يتوصل الطلاب إلى أفكار رائعة جدا لكنها مستحيلة التنفيذ، هنا يجب على المعلم ارشادهم (بطرق مختلفة) لخبرات العالم الواقعي، لمساعدتهم على التأكد من الوصول إلى بداية صالحة.

الخطوة الثالثة: مرحلة النمذجة (بناء النموذج) Prototype Phase
التالي هو مراجعة العناصر الرئيسة واختيار أحدها للقيام بنمذجته (تحويله إلى نموذج)، لا يجب أن يحل هذا النموذج المشكلة برمتها، فقط جانب واحد منها والذي تم مناقشته في الخطوة الأولى (انتبه أن هناك الالتزام القوي جوهري في هذه العملية، عند هذه النقطة، يجب أن نركز على حل واحد لجانب واحد من جوانب المشكلة)

فكرتنا هي IGPS، وهو جهاز يقيم تقدم المتعلم بنفس الطريقة التي يعمل بها جهاز GPS في السيارات، حيث يقوم بتحديد مستوى المهارة الحالية للطالب، مع تحديد المستوى المطموح له والطريق أو النقاط التي يجب أن يمر بها المتعلم في الوصول إليه.

لقد استخدمنا أوراق وأقلام التحديد وأدوات تنظيف الغليون ولصق لنقوم بعمل نموذج أولي لفكرتنا، والذي بدى مثل خرائط جوجل لتحديد "أين أنا" و"أين يجب أن أذهب" مع توضيح النقاط على طول الطريق بينهما والمهارات التي تتقاطع معه، ربما كان نموذج بدائي جدا ولكنه وصل الفكرة بكفاءة.
الخطوة الثالثة في الصف: احضر مجموعة من الخامات الإبداعية معا، ودع المجموعات تحاول تحويل أفكارهم إلى نماذج مادية، وخلال قيام الفريق بالإبداع معاـ ساعدهم على التفكير من خلال نماذجهم: كيف أن كل ميزة فيه ستساعد الناس الذين قابلناهم في الخطوة الأولى؟ هل ينسجم مع الأبحاث التي أجريناها؟ كيف سيعمل هذا النموذج؟ ما الخامات الأنسب لهذا العمل؟
وبمجرد من انتهاؤهم من العمل عليها، اخبرهم أنهم سيقدمون هذه النماذج لخبراء، اعطهم فرصة مناسبة للتدريب على عروضهم وتحسينها، وبالتالي يشعرون بالراحة والثقة.

الخطوة الرابعة: التغذية الراجعة Feedback
خلال الغداء قامت كل المجموعات بعرض نماذجها الأولية للجنة من الخبراء من أجل الحصول على التغذية الراجعة، كل المجموعات شاهدت عروض بعضها البعض، معظم النماذج كانت عبارة عن أدوات برمجية رقمية وإن لم يكن كلها.
تم تقديم تغذية راجعة من شخصين لكل مجموعة، الأول معلم يبحث عن امكانية تحسين الفكرة لتصبح أكثر فائدة، لعالم الصف الواقعي، والآخر مستثمر اجتماعي ليقيم صلاحيتها للسوق وإذا ما كان المنتج قابل للاستثمار فيه في عالم الأعمال.
 الخطوة الرابعة في الصف: قم بدعوة مجموعة من الخبراء في مجال المشكلة للحضور للمدرسة ليقدم الطلاب نماذجهم لهم، اطلب من كل خبير مراجعة كل نموذج وكل عنصر فيه، واعطاء الطلاب تغذية راجعة صريحة: ما الجيد في هذه الفكرة وما الذي بحاجة للتحسين.

الخطوة الخامسة: النشر والتوسيع Scale and Spread
بعد تلقي التغذية الراجعة نشحذ الهمم للمضي قدما في العمل على نموذجنا، ولتحقيق ذلك تم تقسيم المجموعة إلى فرق لتحديد الأسئلة التي تم إثارتها، كيف يمكن لها أن تدعم عمل الفرد والفريق؟ كيف يكسب الطالب نقاط (الجانب الكمي)؟ كيف يبدو هذا المنتج؟ وبالنهاية، وبفرض أن الجهاز الذي ابتكرناه ناجح كأداة لقياس مهارات القرن الحادي والعشرين، ما أفضل طريقة لتسويقه للمسؤولين الرسميين الذين يملكون قرار تبنيه؟ قمنا بإجابة هذه الأسئلة ومن ثم أعدنا تصميم نموذجنا ليراعي تلك النقاط.
الخطوة الخامسة في الصف: من المهم في هذه الخطوة أيضا ممارسة دور الخبير الخارجي لتسهيل العمل، ساعد كل مجموعة على فهم التغذية الراجعة التي تم تقديمها لهم، واعمل معهم على فهم أفضل الطرق لتطبيق حلولهم المقترحة، إذا ما كانت هناك تغذية راجعة متعددة النقاط، يمكن تقسيم كل مجموعة إلى فرق فرعية لتتولى كل منها واحدة من تلك النقاط بكفاءة، ربما يمكن لكل مجموعة اختيار "مديرا للمشروع" لتقدم كل الفرق الفرعية تقريرها له.

الخطوة السادسة: العرض (التقديم) Present
معظم الوقت نذهب إلى هذه المؤتمرات ونمتليء بتلك الأفكار الرائعة هناك، ومن ثم نغادر بدون أن يتغير شيء، أما تلك التجربة فقد توجت بمفاجأة، فمن بين تسعة مشاريع تم عرضها، تم اختيار ثلاثة منها لتنضم لبرنامج يمكن من خلالها أن تؤتي ثمارها، من خلال ممولين يوفرون لكل مشروع مبلغ خمسين ألف دولار لتنفيذ الفكرة، وكذلك ورشات عمل لدعم تصميم المجموعات، والمشاركة في شبكات لتوفير  المصادر وخدمات الدعم والاحتضان لهذه الأفكار.
وهكذا، بعد بضعة ساعات من العمل التعاوني، تمكنت المجموعات التسعة من ابتكار مجموعة من النماذج الرائعة، بينما حصل ثلاثة منها على الدعم اللازم لتحويل نماذجهم إلى منتجات واقعية.
الخطوة السادسة في الصف: بخلاف تدبير زيارة من ثري خيالي، يجب عليك الإتيان بأفكار خلاقة لهذه المرحلة الأخيرة، ربما يمكنك دعوة الأفراد الذين انخرطوا في الخطوة الأولى وآخرون للاستماع إلى العروض، واجراء عصف ذهني للوصول إلى طرق قابلة للتطبيق للاستفادة من هذه الأفكار  في ظروف أصيلة، يمكنك كذلك تدبير اجتماعات واقعية أو عبر الانترنت مع رجال أعمال محليين.

كاتب المقال:  ray betty
رابط المقال الأصلي:

0 التعليقات :

إرسال تعليق