الانتقاص من قدر المعلمين...هل هذه هي الخطيئة الوحيدة لمنهاج الصف الثامن؟

عندما ننتقد الكتب الدراسية، فإننا لا نقصد النسخة الحالية من الكتب الدراسية "فحسب"، إنما ننتقد تلك العقلية التي تقف خلف المنهاج، وانتقادنا لها ينبع من أنها بكل بساطة تضيع على الطلاب (والمعلمين) فرص هامة في التعلم، وتضعهم أمام سياق "حجري" ومصمت للتعلم للطلاب والنمو المهني للمعلمين.

في الفصل السابق، وخلال عملي مع مجموعة من معلمي اللغة الإنجليزية، طلبت منهم أن يساعدوني في الإطلاع على الأهداف العامة للغة الإنجليزية في المرحلة الأساسية، والحقيقة أنها أعجبتني جدا، رأيت فيها خطة رائعة وطموحة وتتسم بالمعاصرة، إلا أنه حال الانتقال إلى الكتب المدرسية (وطريقة تنفيذها)، لم تكن تدعمها بشكل تطبيقي، بل في كثير من الأحيان تشكل حجر عثرة أمام تنفيذ المعلم للأهداف العامة، إلى الحد الذي يدفع المعلم في بعض الأحيان (أو كثيرها) إلى التضحية "بتعلم الطلاب " من أجل الحفاظ على سير الخطة الدراسية!!!

لم يكن في مخططي الإطلاع على النسخة المحدثة من الكتب المدرسية حاليا، انتظارا لتفاعل المعلمين معها والاستماع لآراء الخبراء، لكن مع الإشارة إلى أحد المقاطع في دروس اللغة العربية للصف الثامن، والتي تنتقص من قيمة مهنة المعلم مقارنة بمهن أخرى، وتكذيبي لها في البداية، اضطررت للإطلاع على الكتاب للتأكد بنفسي من النص، وهو ما قادني لتصفح الدروس المختلفة، وهذا التصفح السريع وضعني أمام ثلاث خطايا في الكتاب ككتاب مدرسي وضع أساسا من أجل التعلم:

الأولى: استخدام صور من الانترنت بدون الإشارة إلى حقوق ملكية، كنتيجة لشيوع ثقافة (النسخ واللصق) إلا أنه كذلك ترسيخ لقيم الاستسهال، هنا أنت تشرعن لتلك العملية بدون أي قيود، بدءا من تناقل المعلمين للخطط الدراسية بدون تحفظ أو إجراء تعديلات، وليس انتهاء بلجوء الطلاب للمكتبات للقيام بمشاريعهم نيابة عنهم، ولهم في ذلك قدوة من الكتاب المدرسي.

ناهيك عن رداءة جودة الرسوم والصور المستخدمة، والتي لا يمكن أن تكون مقبولة في عصر  انفجار الوسائط المتعددة، والذي تشكل جماليات "التصميم" وإبداعاته القلب منها.
مجرد فكرة هنا لماذا لا يتم توظيف اللوحات الإبداعية والتشكيلية لعشرات الفنانين الفلسطينيين، والتي تقدم مفاهيم فنية وفكرية عالية!




الثانية: انبهرت جدا بكون الكتاب يحتوي على قصة قصيرة لماركيز، إلا أن الاطلاع على مدخل القصة يمكن أن ترى العقلية التي يضعها فيها واضع المنهاج، فيحاول أن يقصر عقلية الطالب في قضية (الإشاعة وأثرها) وهو ما يقتل منذ البداية دور الطالب في تقديم قراءته الخاصة للقصة، وهو الدور الأساسي لدراسة الأدب في هذه المرحلة (يمكن القول أن ذلك ينسحب تقريبا على كل النصوص المطروحة)، لا يمكن أن تتوقع هنا تقديم أي فرصة للطالب للتدريب على التأويل أو مقاربة السياق أو القراءة الإبداعية، أو أي تحقيق لاستفادة حقيقية من دراسة أديب بحجم "ماركيز"


الثالثة: وهي القيام بالنيابة عن الطالب في دور المتأمل والمستنتج، فيحدد للطالب مجال التأمل في المفردات، بل وينوب عنه في التأمل، ومن ثم يقدم الاستنتاجات مباشرة، بدور أن يترك للطالب أي دور فاعل، سوى القراءة والاستماع.



حسنا ما أردت قوله في هذه المداخلة، هو أن تصفح كتاب اللغة العربية للصف الثامن، يقودني إلى الاستنتاج أن الكتاب لا ينتقص من قيمة مهنة المعلم فحسب، ولكن يضع أمامه عقبات في توظيفه لتطوير مهارات اللغة عن الطلاب.

0 التعليقات :

إرسال تعليق